الكيمياء هل فتحت السيمياء العربية الطريق أمام الكيمياء الحديثة ؟ لقد اعتقد رجال السيمياء أنه حين يتم المزج بين الكبريت والرصاص النقيين تماما ، بنسب مثالية ، فإنه يتم الحصول على أنقى المعادن، الذهب . حينما لا يتم احترام النسب ، فإنه يتم الحصول على معادن أخرى : الفضة ، الرصاص، القصدير، الحديد ، النحاس . ومن أجل إيجاد التوازن الذي يتصف به الذهب والفضة، كان يمكن اللجوء إلى الإكسير.
لقد كان للكيمياء منذ القرون الأولى للحضارة العربية الإسلامية أنصارها ، كما كان لها من يعترض عليها ويهاجمها. ومع هذا فقد كان لها الفضل في أن نتج عنها اكتشاف مواد كيماوية جديدة بفضل الأبحاث والتجارب العديدة و التي كانت تتم في مخابر أولئك الذين كانوا يتعاطون السيميا أي الكيمياء القديمة. يبقى جابر بن حيان ( 721 م-780م) شهيرا بأعماله في السيمياء فقد سجل بدقة متناهية صنع الفولاذ وعمليات الحرق والاختزال والتصعيد . كما توصل إلى تحضير مواد جديدة ، أحماض (حمض الكبريتيك والنتريك ) أو أصناف الكحول. بالاضافة إلى أن السيمياء كانت تستسلزم أجهزة عديدة ( أفران و بوتقات ومنفاخ (زق) ومنخل (غربال) ، مصفاة ، ومن يبن هذه الاجهزة يوجد الإنبيق ( باللاتينية alambic) الذي اعتمد في أوروبا كلها للتقطير. كما اهتم الرازي ( باللاتينية Rhazès ) بدوره و هو الذي اشتهر بأعماله في مجال الطب ، اهتم في كتابه سر الأسرار ) باللاتينية secretum secretorum) بالسيمياء رافضا في الوقت ذاته أعمال السحر والتنجيم و متمسكا بما يمكن أن تقدمه التجربة من براهين. فوصف لنا الأجهزة والأدوات والعمليات الكيميائية الكثيرة الضرورية لتحويل المعادن إلى ذهب . كما قام لأول مرة بتقسيم واضح للمواد الكيماوية. لم تفتأ أبحاثه المخبرية أن تؤتي ثمارها في علم الصيدلة . بينما شكك ابن سينا ( Avicenne) و بشكل غاية في التفرد والتميز بالنسبة لزمانه، في أسس السيمياء المعملية و قدم انتقاداته في رسالة صغيرة عنوانها "رسالة عن الاكسير".
من وجهة نظر تاريخ الأفكار و المنهجية، تجدر الإشارة إلى أن العلماء العرب قد نجحوا شيئا فشيئا في تحرير الكيمياء من السحر والعرافة. وفي هذا الصدد فإن نقدا مثل الذي أتى به ابن سينا يشكل على أقل تقدير شهادة قيمة على النضج العلمي لبعض كبار المفكرين في العالم الاسلامي في القرن 5هـ/11م. رونيه تاتون، العلم القديم والقروسطي، PUF باريس، 1997.
لقد غير تطور تقنية صناعة الزجاج عنصر هاما في تزيين المساجد : لم تعد تصنع المصابيح من المعدن بل من الزجاج متعدد الألوان مطلى بالمينا، وهي درر من العصرين الأيوبي والمملوكي.
|
||||||||||
|
|